
في قلب مانيلا، المدينة التي لا تنام، يعيش عالم أطفال الشوارع. عالم لا يظهر في الصور السياحية،
ولا يسمعه أحد إلا من يمر بجانب الأرصفة والجسور التي ينامون تحتها. هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد مشهد
عابر، بل هم حكايات كاملة أكبر من أعمارهم.
يستيقظون قبل الفجر، على قطع كرتون أو قماش ممزق، يهربون من المطر ومن الخوف ومن الجوع.
أول معركة في يومهم ليست المدرسة، بل الطعام. بعضهم يبحث في بقايا المطاعم، وبعضهم يطلب “قليلًا من الطعام”
من المارة، في صراع يومي مؤلم.

وفي الظهيرة، حين تتحول مانيلا إلى فرن كبير، يبدأون العمل: بيع المناديل، مسح زجاج السيارات،
جمع البلاستيك، أو أي شيء يجلب لهم القليل من المال. يعرفون حركة السيارات أكثر من السائقين أنفسهم،
ويعرفون من يعطي ومن يغلق نافذته.
مع العصر، يجلسون على الأرصفة الساخنة، يحكون لبعضهم قصص اليوم. بعضهم يقاوم طريق المخدر الرخيص “Rugby”،
وبعضهم سقط فيه. وفي الليل، يبدأ الخوف الحقيقي: رجال مخمورون، عصابات، مطاردات، ومخاطر لا نهاية لها.
لكن رغم كل هذا، ما زال هناك ضوء صغير في قلوبهم. يضحكون، يلعبون، يخترعون ألعابًا بسيطة،
ويتمسكون بأمل أن يأتي يوم أفضل. بعضهم وجد فرصة للدراسة، وبعضهم التحق بمراكز رعاية،
وبعضهم خرج من الشارع نهائيًا.

أطفال الشوارع في مانيلا ليسوا جزءًا من المشهد… بل هم قصة مدينة كاملة، قصة فقر وقوة،
ضعف وصمود، ألم وأمل… قصة تستحق أن تُروى دائمًا.